اسمع القرأن

الأربعاء، 4 فبراير 2009

الظهار

زوجة تتصل باحدى برامج البث المباشر على القنوات الدينية تستنجد بأحد الشيوخ وتسأله "ماذا أفعل فزوجى قال لى
انت حرام على كأمى بعد أن تشاجرنا ومنذ ذلك اليوم لا يقترب منى " ، وزوجة اخرى تطلب المشورة فزوجها هجرها وقال لها انت كأختى إلى يوم الدين ، وزوج يتساءل فى حيرة بعد أن حلفت زوجته يمين بأنه حرام عليها ليوم الدين ، ولا يعرف كيف يعاملها .. كل هذه الأسئلة تتردد بصفة يومية فى تلك البرامج وكلها تندرج تحت معنى واحد واسم واحد والذى وضحه القرآن لنا جيداً وهو "الظهار" والذى سنحاول خلال السطور التالية توضيح المقصود به وحكم الشرع فيه كما بينه لنا كتاب الله .

فالظهار هو من قال لزوجته أنت على كظهر أمي فهو مظاهر وتحرم عليه زوجته فلا يلمسها ولا يستمتع منها بشيء ومن المقرر شرعاً أن الظهار حرام ومن الذنوب والمعاصي التي يجب التوبة منها ، ووصف الله سبحانه وتعالى "الظهار" كما يوضح لنا فضيلة الدكتور أحمد عمر هاشم رئيس لجنة الشئون الدينية بمجلس الشعب بأنه منكر من القول وزور قال تعالى: ? الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُم مِّن نِّسَائِهِم مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَراً مِّنَ الْقَوْلِ وَزُوراً وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ ? [المجادلة: 2].
وقال ابن كثير? وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَراً مِّنَ الْقَوْلِ وَزُوراً ? أي كلاماً فاحشاً باطلا، ويقول دكتور هاشم: ومن المقرر أيضاً في كتاب الله سبحانه، أن من ظاهر من زوجته فعليه الكفارة لهذا الظهار، وقد ذكرها المولى سبحانه في قوله: ? وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ * فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ ? [المجادلة: 3،4].
ونفهم من الآية أن الكفارة واجبة على المظاهر قبل أن يجامع الرجل زوجته ،عن خولة بنت ثعلبة قالت: والله فيَّ وفي أوس بن صامت، أنزل الله - عز وجل - صدر سورة المجادلة. قالت: كنت عنده، وكان شيخاً كبيراً، قد ساء خلقه وضجر.
قالت: فدخل علي يوماً، فراجعته بشيء، فغضب، فقال: أنت علي كظهر أمي. قالت: ثم خرج، فجلس في نادي قومه ساعة، ثم دخل علي، فإذا هو يريدني على نفسي. قالت: فقلت: كلا، والذي نفس خويلة بيده، لا تخلص إليّ، وقد قلت ما قلت، حتى يحكم الله ورسوله فينا بحكمه. قالت: فواثبني وامتنعت منه، فغلبته بما تغلب به المرأة الشيخ الضعيف، فألقيته عني. قالت: ثم خرجت إلى بعض جاراتي، فاستعرت منها ثيابها، ثم خرجت، حتى جئت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجلست بين يديه، فذكرت له ما لقيت منه، فجعلت أشكو إليه- صلى الله عليه وسلم- ما ألقى من سوء خلقه، قالت: فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم – يقول: يا خويلة! ابن عمك، شيخ كبير، فاتقي الله فيه. قالت: فوالله ما برحت، حتى نزل في القرآن، فتغشى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما كان يتغشاه، ثم سُرِّي عنه، فقال لي: يا خويلة! قد أنزل الله فيك وفي صاحبك، ثم قرأ ? قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ? إلى قوله: ? وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ ? [المجادلة:1-4]، فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:" مُرِيه فليعتق رقبة. قالت: فقلت: والله يا رسول الله! ما عنده ما يعتق. قال: فليصم شهرين متتابعين. قالت: فقلت: والله يا رسول الله! إنه شيخ كبير، ما به من صيام. قال: فليطعم ستين مسكيناً، وسقاً من تمر. قالت: قلت: والله يا رسول الله! ما ذاك عنده. قالت: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:" فإنا سنعينه بعرق من تمر. قالت: فقلت: وأنا يا رسول الله! سأعينه بعرق آخر. قال: قد أصبت وأحسنت، فاذهبي فتصدقي عنه، ثم استوصي بابن عمك خيراً. قالت: ففعلت .
وقد يجامع الزوج زوجته قبل الكفارة فهذا يجوز ولكن لا تسقط عنه الكفارة، بل هي لازمة عليه، ويجب عليه أن يؤديها
عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن رجلاً أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - قد ظاهر من امرأته، فوقع عليها، فقال: يا رسول الله! إني قد ظاهرت من زوجتي، فوقعت عليها، قبل أن أكفر، فقال:" وما حملك على ذلك، يرحمك الله " قال: رأيت خلخالها في ضوء القمر. قال:" فلا تقربها، حتى تفعل ما أمرك الله به .

ويوضح الدكتور مبروك عطية من علماء الأزهر أنه فى أصح اقوال العلماء فإن من يقول لزوجته: أنت عليّ حرام أو محرمة علي ليوم الدين، أو قال علي الحرام من منك ، او انت مثل أمي أو أختي أو ابنتي، أو ما أشبه هذه الألفاظ فهذا حكمه حكم الظهار ،وهو محرم ولا يجوز، ومنكر من القول وزور كما سماه ربنا جل وعلا في أول سورة المجادلة بقوله: "الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ" ، والواجب على الزوج فى هذه الحالة أن يتوب إلى بارئه ويستغفره من هذا القول وارتكابه هذا المنكر، ولا يحل للزوج أن يقرب زوجته حتى يأتى بالكفارة التي أمره الله بها، كما انه لا يحل لك أنت أيتها الزوجة أن تمكنيه من نفسك حتى يفعل ما أمره الله تعالى به من الكفارة ، وماهى هى الكفارة ؟هى عتق رقبة مؤمنة إن وجدها فإن لم يجدها يصوم شهرين متتابعين لا يقتطعها إلا بعذر شرعي كمرض وسفر ونحوهما فإن لم يستطع فليطعم ستين مسكيناً ،وهذه الكفارة مذكورة بقوله :"فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ" المجادلة.
وهناك حالة اخرى يجب توضيحها وهى ان يقول زوجتي عليَّ حرام إن فعلت كذا أو هي محرمة علي ليوم الدين أن كلمت
فلاناً، أو دخلت تلك الدار، ، فهذا يسمى بالتحريم المعلق، فإذا كان قصد الرجل منه منع نفسه من العمل الذي أراده أو منع زوجته مما ذكره من الكلام أو الزيارة ونحوه فهذا يقع تحت حكم اليمين، ولا يكون له حكم الظهار في أصح أقوال أهل العلم، ومن ثم عليه كفارة اليمين، وهي المذكورة بقوله – تعالى -: "فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ"المائدة، والله تعالى اعلم .
وهناك حالة اخرى لا تعد ظهار ويكفى فيها كفارة اليمين فقط ويوضحها لنا فضيلة الشيخ طه الدسوقى حبيشى الاستاذ بجامعة الازهر ، وهى قول الزوجة لزوجها : أنت علي حرام ، أو تحرم علي ليوم الدين ، ويؤكد فضيلته ان هذه الحالة لا تعد ظهار ولا يترتب عليها طلاق ، لأن الظهار والطلاق لا يكون إلا من الزوج ، وإنما هو من باب تحريم الحلال ، كتحريم شيء من اللباس أو الطعام ، فيلزم المرأة عند الحنث كفارة يمين لقوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ . قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ) التحريم فجعل الله تعالى تحريم الحلال يميناً .
وكما نعلم فكفارة اليمين هي عتق رقبة أو إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم ، فمن لم يجد شيئا من ذلك صام ثلاثة أيام، وتحنث المرأة إذا جامعها زوجها وهي طائعة .
وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله : إذا قالت امرأة لزوجها : إن فعلت كذا فأنت محرم علي كحرمة أبي علي ، فما حكم ذلك ؟فأجاب : "تحريم المرأة لزوجها أو تشبيهها له بأحد محارمها حكمه حكم اليمين ، وليس حكمه حكم الظهار ، لأن الظهار إنما يكون من الأزواج لنسائهم بنص القرآن الكريم .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الزوار

free counters

بحث هذه المدونة الإلكترونية